أضواء على أهمية فحص البطن بالأمواج فوق الصوتية

 

                 الدكتور زياد صوان

           اختصاصي الأشعة التشخيصية

 

إنّ من أهم الفحوصات لتقييم حالة أعضاء البطن من كبد ومرارة وطحال وبنكرياس وكلى وأوعية دموية وغيرها سواء وقائياً أم استكشافياً ، أو عند شكوى معينة هـو الفحص بالأمواج فوق الصوتية .

 

وتعود أهمية هذا الفحص لأسباب منها : المعلومات الوفيرة والدقة في هذا الفحص ، وفي الوقت نفسه البساطة في إجرائه ، فلا يؤذي المريض تداخلياً ولا شعاعياً ، لأننا نستعمل الأمواج الصوتية بدلاً من الأشعة ، وعادة لا يحتاج إلى صبغة قد تؤدي الى سمية أو حساسية.  وأخيراً ، لسهولة عمله وقلة تكلفته ، حيث السعر في متناول الجميع ، فلا استغراب ، فالهواء والماء حولنا بأقل التكاليف إن وجدت تفوق أهميتها للانسان كافة المأكولات غالية الثمن .

 

قد يسأل سائل لماذا الفحص الوقائي أو الاستكشافي ؟

 

فأعضاء الجسم قد خلقها الخالق باحتياط كبير ، مثلاً نحتاج إلى نصف كلية وعندنا كليتان ، ونحتاج الى رئة ، وعندنا رئتان ، لذلك تظهر أعراض الأمراض متأخرة ، وقـد يكون المرض أو التلف قد بدأ ولا نشكو منه . لذلك ، لا بد من الفحص الوقائي للإطمئنان على صحة الجسم . فربما يعد الفحص السريري وتخطيط القلب وفحوصات الدم والبول من الأشياء المفيدة وبسعر بسيط . ودون تداخلات ، وتعطي معلومات وفيرة عن حالة الجسم التي قد تكون خافية : هي أشعة الصدر والفحص بالأمواج فوق الصوتية ((Ultra Sound  ، حيث إن الالتراساوند للبطن مثلاً تعطي فكرة جيدة ومعلومات قيمة عن المرارة والقنوات المرارية . ويعتبر الفحص المفضل ( (Modality of choice حتى على الفحوصات الباهظة التكاليف للركن الأيمن العلوي من البطن بتشخيص حصيات والتهابات المرارة ، وتشخيص التوسع بالقنوات المرارية وأسبابه المختلفة في حالات اليرقان . كما يظهر هذا الفحص البسيط الكبد وأمراض أخرى ، كترسيب الشحومات ، وتشمع الكبد، والأكياس المختلفة ، والأورام الأولية أو الإنتقالية . ويعتبر كذلك فحصاً مفيدا للكل لتحديد موقع الكلى ، وتشخيص الكلى الهاجرة ، سواء بالحوض أم بالجهة الأخرى من البطن . كذلك لمعرفة حجم الكلية وعادة ما يكون كبر حجم الكلية يحتاج إلى تدخل جراحي في نهاية المطاف لإزالة سبب الانسداد . بينما الكلى الضامـرة الصغيرة قد تحتاج الى الغسيل الكلوي Dialysis)) أو زرع الكلية ، إذا لم نقم بالفحص المبكر . كما تظهر أي توسع بالكؤيسات وحوض الكلية ، وكذلك تؤكد أو تنفي وجود أكياس أو أورام الكلية ، وقد يفيد من ناحية حصيات الكلى . أما الطحال وأمراضه المختلفة من تضخم وغيره فيمكن استشكافها بسهولة في فحص الأمواج فوق الصوتية من أكياس وأورام وغيرها .

 

أما عن التهابات وأورام البنكرياس ( المعثكلة ) ، فللفحص بوساطة الأمواج فوق الصوتية دور كبير في التشخيص وبيان مدى الانتشار لأمراض مختلفة وخاصة سرطان البنكرياس .

 

 

 

 

كذلك نطمئن على الأوعية الدموية كالأبهر والوريد الأجوف السفلي وغيرها ، والتأكد من عدم وجود أمهات الدم الخطيرة والهامة ، والتي قد تكون دون أعراض ، والتأكد من عدم وجود غدد لمفاوية متضخمة حولهما . كما نستطيع أن نتأكد من خلو أسفل البطن والحوض سواء عند الذكر أم عند الأنثى من الأورام والأكياس وغيرها من الأمراض . قد تستعمل أجهزة التراساوند صغيرة خلال المريء أو الإحليل أو حتى داخل الأوعية الدموية ، وقد تستعمل هذه الأجهزة الصغيرة أثناء العمليات لتقييم أورام أو أمراض معينة .

 

كذلك يفيد الفحص بالأمواج فوق الصوتية لتقييم حالة بطن المريض بعد الجراحة لنتحرى عن عدم وجود تجمعات قيحية أو دموية أو غيرها ، كما أن الفحص بالأمواج الصوتية أصبح مفيداً ودون أذى أو أية تداخلات لفحص الأوعية الدموية من شرايين وأوردة ، للتأكد من عدم وجود تخثرات أو أية انسدادات كما في أوردة الأطراف السفلية ، أو الشرايين السباتية أو الفخذية .

 

كذلك لا ننسى أهمية فحص الجنين في الحوامل ، ليس فقط لمعرفة وضعه وحيويته وعمره وجنسه ، بل للتأكد من عدم وجود أمراض وتشوهات خلقية لا سمح الله ، ومدى إمكانية تصحيحها مبكراً قبل أو بعد الولادة .

 

تؤخذ كل هذه المعلومات بسهولة ويسر خلال 10-15 دقيقة ، ومن دون إعطاء المريض حتى إبرة الصبغة أو أية أدوات تداخلية .

 

فإنك بوساطة هذا الفحص ، كما في التصوير الطبقي المحوري ، تستطيع أن ترى ليس فقط أعضاء الإنسان كما لو فتحت بطنه ، بل إنك سترى ما بداخل تلك الأعضاء ، حيث إن هذا الجهاز البسيط يعمل مقاطع داخل العضو ، ويستطيع تمييز الأورام الصغيرة التي تكون أكثر من 3 – 5 ملم ، وليس بالضرورة أن ترى على سطح العضو ، كما في الإستكشاف الجراحي الذي كان متبعاً في العقود السابقة .