علاج مرض التهاب القولون التقرحي

Ulcerative Colitis Treatment

 

                                                                                                                                                                                                                            الدكتور نعيم أبو نبعة      

اختصاصي امراض الجهاز الهضمي و الكبد

 

التهاب القولون التقرحي مرض مزمن يسبب التهاباً حاداً في الغشاء المخاطي للقولون بدرجات متفاوته من الأذى مع تكوين تقرحات سطحية متعددة غير منتظمة و يعاني المصاب ازمات من المرض على شكل نوبات يشكو خلالها من اسهال مختلط مع دم أو مخاط  ومغص في  أسفل البطن و أحياناً ارتفاع في درجة الحرارة و نقص في الوزن و فقر الدم .

 

و هناك عدة نظريات تتناول اسباب المرض من بينها النظرية الجرثومية و اخرى نفسية إلا أن نظرية المناعة الذاتية هي الأكثر دقة وأهمية  .

 

و التشخيص سهل و متوفر حيث إن السيرة المرضية وتنظير القولون وفحص عينات من الأجزاء المصابة تثبت التشخيص الأكيد . 

  

عند علاج مرضى التهاب القولون التقرحي يجب الانتباه الى النقاط التالية :

 

1- تحديد مكان وموقع الالتهاب :حيث إن علاج الالتهاب الذي يصيب كامل القولون يختلف نوعاً ما عن إصابة منطقة المستقيم فقط .

2- نشاط المرض : حيث إن هناك حالات يكون فيها المرض ساكناً وغير ناشط بينما في حالات أخرى يكون المرض نشطاً جداً .

3- مدة المرض : فكلما كانت مدة المرض أطول كانت الاستجابة للعلاج أقل وزادت إمكانية التحول الى خلايا سرطانية .

4- مضاعفات المرض : يجب الانتباه إلى مضاعفات المرض و الى الحالة الصحية العامة للمريض لأن هذا يؤثر في العلاج ونوعيته و نتائجه . 

 

و أسس الخطة العلاجية على الشكل التالي :

 

أ-  البدء بمعالجة حالات الالتهاب الحاد بالسرعة الممكنة و ذلك لتقصير مدة المرض او الانتكاسة الحادة إلى أقل وقت ممكن و هذا يتطلب الراحة في المنـزل او المستشفى بالإضافة الى إعطاء الأدوية المناسبة .

ب- مراقبة المرضى ( المعالجين وغير المعالجين) عن كثب لمنع حدوث الانتكاسة من جديـد و مساعدتهم للحصول على مستوى معيشة في افضل صورة ممكنة .

ج- الاعتراف بفشل العلاج الكيماوي في الوقت المناسب وان المريض قد اصبح بحاجة للعلاج الجراحي .

 

  

 

 

 

الإدخال الى المستشفى :

 

على الرغم من التأكيد على أهمية استمرار الشخص المصاب بنشاطه المعتاد والمحافظة على نشاطه وحيويته إلا انه يجب التذكير بما يلي : 

 

1- المريض الذي يعاني من التهاب قولون تقرحي (يبدو معتدلا خفيفا) و لكنه لم يستجب للعلاج بعد اكثر من شهر يجب إدخاله الى المستشفى لإعادة تقييمه و علاجه بشكل أفضل.

2- اذا اشتكى المريض من غثيان ، وتقيؤ ، ونقص في الشهية ، وارتفاع في درجة الحرارة ، وإسهال شديد ، يجب إدخاله للمستشفى بالسرعة الممكنة .

3- الإدخال الى المستشفى ضروري جدا للمريض الذي يعاني من نزف شرجي حاد ، وفقر دم حاد ، ونقص شديد في نسبة الالبومين في الدم أو في حالة الاشتباه بوجود تحول إلى سرطان .

 

التغذية :

 

يشعر عدد من المرضى بانخفاض  في الوزن و بعضهم قد يعاني من نقص في التغذية لهذا السبب فتغذية المريض مهمة للاستمرار في نشاطه و حيويته .

 

و من ناحية أخرى لا توجد دلالات بان الابتعاد عن تناول بعض أنواع الطعام يحسن من حالة المريض ، ولا دلالات بان تناول بعض انواع الطعام يساعد على حدوث انتكاسة ما عدا الحليب و مشتقاته عند المرضى الذين يعانون من عدم تحمل الحليب ، او المرضى الذين يعانون ( بالإضافة الى القولون التقرحي )من مرض الداء الزلاقي ، ففي هذه الحالة يمنعوا من تناول القمح و مشتقاته . و في المراحل الأولية من العلاج ينصح بالابتعاد عن الحليب لإمكانية و جود حساسية من بروتينات الحليب في تلك الفترة العلاجية الأولية .

 

و على الرغم من ما ذكر نقول بأنه في حالات القولون التقرحي الحاد و الشديد يجب محاولة الامتناع عن الطعام الذي يساعد على حدوث إسهال ومغص بطني شديد مثل القهوة ، والمشروبات الكحولية ، و كذلك الألياف الخشنة ( مثل قشرة الفواكه ) و كذلك الفواكه الناشفة.

 

و الغذاء الذي ينصح به يجب أن يحتوي على (  3000) سعرة حرارية على الأقل و حوالي مائة إلى مائة وخمسين غرام من البر وتينات  و كذلك ينصح بتناول مجموعة من الفيتامينات و خاصة الفيتامين “D” للذين يعالجون بالكورتيزون و مشتقاته . و يجب إعطاء حامض الفوليك (Folic Acid) للمرضى الذين يتناولون دواء حامض السالازوبيرن Salazopyrin لان هذا الدواء يتدخل في ايض ((Metabolism لحامض الفوليك مما يؤدي على المدى البعيد إلى فقر دم .

 

 

 

 

الأدوية لعلاج التهاب القولون التقرحي : 

 هنالك عدد مدهش من الوسائل العلاجية و التي استعملت لمحاولة إيقاف هذا المرض و لكن تأثيرها يصعب مراقبته أحيانا بشكل دقيق لان سلوك المرض لا يمكن التنبؤ به بشكل دقيق بالإضافة الى ان التحسن التلقائي قد يحدث أحيانا .

 

1.        سلفاسالازين Sulphasalazine :

 

على الرغم من أن السلفاسالازين ما زال يعتبر الدواء الأكثر اختيارا في معظم حالات التهاب القولون التقرحي إلا أن قيمته الأساسية هي في تقليل حدوث الانتكاسة المرضية ، وزيادة طول فترة الراحة و الهدوء المرضي ، لذلك يستعمل كمعالجة وقائية طويلة الأمد مع العلم بان مفعوله و تأثيره الإيجابي يحتاج أحياناً لعدة أسابيع .

 

و يعطى السلفاسالازين عن طريق الفم لجميع المرضى بجرعات قليلة تبدأ بـ (500) ملغم مرتين يومياً ليتم زيادتها بعد ايام الى ان تصل الى ( 500 ) ملغم أربعة مرات يومياً ، وأحيانا قد تصل الجرعات الى اربعة غرامات يوميا ، هذا و يتم الاستمرار بتناوله لمدة سنة او سنتين او أكثر وأحيانا يكون استعماله بشكل دائم و ذلك لمنع تكرار حدوث انتكاسات و أزمات من المرض .

 

ولكننا كذلك قد نستعمله ليس فقط لمنع تكرار حدوث الأزمات إنما كعلاج وحيد في بعض الحالات الخفيفة او النوبات معتدلة الشدة ، و ذلك بجرعات تتراوح ما بين  ( (4 –2 غرام يوميا . أما في الحالات الحادة فقد يكون فعالاً بجرعة غرام الى غرام و نصف أربعة مرات يومياً ، وفي حالة   وجود غثيان او تقيؤ فإن هذه الجرعات يمكن تخفيضها ، وبعد فترة زيادتها بشكل تدريجي لتصل الى الجرعة المطلوبة .

 

ومن الواضح تماماً أن السلفاسالازين هو أقل فاعلية من الكورتيزون و لهذا السبب فإن اكثر استعمالاته هي لمنع تكرار حدوث أزمات و نوبات جديدة .

 

و يتكون هذا الدواء من جزء كبريتي " السلفابيريدين "  (Sulphapyridine) وهو مضاد حيوي يكون مرتبط مع مادة ملح حامض الصفصاف (5-ASA ) و هي المادة الفعالة المضادة للالتهاب و هذا الملح هو أحد أملاح حامض السليسيليك  وهذه الرابطة بين المادتين تمنع الامتصاص المبكر للدواء في القناة الهضمية العلوية و بالتالي تسمح له بالوصول الى القولون وهو المكان المناسب الذي ينفصل فيه المركبين بواسطة البكتيريا المتواجدة هناك معتمدة على حركات القولون الطبيعية و بذلك تتحرر المادة الفعالة ( ملح حامض الصفصاف 5-ASA ) و التي تعمل موضعياً . 

 

الجزء الكبريتي ( السلفابيريدين ) و بعد انفصاله يتم امتصاصه في القولون و يتم التخلص منه خلال (6 - 4 ) ساعات عن طريق البول .

 

أما الجزء الفعال وهو (5-ASA ) ( ملح حامض الصفصاف ) فيبقى في القولون و بعد القيام بوظيفته المثبطة للالتهاب يتم التخلص منه عن طريق البراز و جزء صغير منه يتم  امتصاصه و من ثم إخراجه عن طريق البول . 

 

 

وانه لمن الأهمية التذكير مرة أخرى ان الواضح تماما على نطاق واسع هو استعمال دواء السلفاسالازين (Sulphasalazine) في المعالجة الدائمة لمنع حدوث انتكاسات ، لذلك فبعد الانتهاء من الأزمة المرضية و اختفاء الاعراض ينصح بالاستمرار في تناول هذا الدواء بجرعة ( 2 غم ) يومياً من اجل منع او تقليل عودة نوبات المرض ولحد الآن لم يتم الاتفاق على مدة الاستمرارية في إعطاء هذا الدواء ( بعد اختفاء الاعراض )  و هناك العديد من الخبراء الذين ينصحون بالاستمرار في تناوله بشكل دائم في غياب التأثيرات الجانبية .

 

الأعراض الجانبية لدواء السلفاسالازين :    

 

تظهر الاعراض الجانبية من المكونات الكبريتية او ما يسمى سلفابيريدين وهذه الاعراض تظهر في ( %15 ) من الحالات و تتمثل بـ :  

        ·          غثيان ، وتقيؤ ، وآلام في المعدة .

        ·          صداع .

        ·          أعراض جلدية مثل طفح جلدي ، وحكة جلدية .

        ·          عقم عند الرجال ( نتيجة قلة الحييات المنوية ) .

        ·          اضطرابات في وظائف الكبد .

        ·          أحيانا قد يظهر إسهال دموي .

        ·          التهاب في البنكرياس .

   ·    في حالات نادرة قد يؤدي الى زيادة في كريات الدم البيضاء غير اللاحبيبية (Agranulocytosis).

   ·    فقر دم : قد يكون فقر دم تحليلي   Haemolysis ناتج عن تكسير كريات الدم الحمراء   أو أن يكون سبب فقر الدم هي النقص في حامض الفوليك بسبب تأثير السالازيبيرين على زمرة الجراثيم المعوية لذلك ينصح بإعطاء حامض الفوليك خمسة ملغرامات يومياً على فترات للمرضى الذين يتناولون هذا الدواء لمدة طويلة.

 

ملاحظة هامة :

 

هنالك بعض المرضى الذين قد يتكون عندهم أحياناً عدم تحمل للسالازوبيرين  ، و عدم التحمل هذا يتمثل بتدهور سريع للمرض و الشكوى من زيادة عدد مرات التبرز السائل و ارتفاع في درجة الحرارة و سوء الحالة العامة للمريض ، واذا لم ينتبه الطبيب الى هذه الاحتمالية فقد يستمر التدهور و أحيانا يقوم الطبيب بزيادة الجرعة و تزيد المشكلة تعقيداً .

 

و يجب التنبيه عند مجموعة المرضى الذين يظهر عندهم عدم تحمل للدواء بان توقيفه تماما هو واجب ، و لكن بعد فترة من الزمن يمكننا محاولة إعادة استعماله من جديد بجرعات قليلة     (100 200-)   ملغرام يوميا و زيادة الجرعة بشكل تدريجي ، و لكن استعمال المشتقات الجديدة من ملح حامض الصفصاف ( 5-ASA ) يمكن أن تحد من هذه المشكلة مع العلم بان المريض قد يعاني من عدم تحمل المشتقات الجديدة (   5-ASA ) و من هنا وجب التذكير .

 

ومن ناحية أخرى فلقد تبين أن دواء السالازوبيرين و كذلك الميسالازين ( ملح حامض الصفصاف ) يمكن و صفهما دون مشاكل للسيدة الحامل سواء بدأ الحمل اثناء تناولها للدواء او اذا استمرت بتناوله خلال الثلاثة اشهر الاولى من الحمل .

 

    2.        الميسالازين (Mesalazine  (( 5-ASA ) :

 

كما شرحنا سابقاً فإن دواء السلفاسالازين يتكون من مركبين متحدين هما السلفابيريدين ومركب آخر هو ملح حامض الصفصاف ( 5-ASA ) . وإن الآثار الجانبية لهذا الدواء تأتى من السلفابيريدين و ليس من (5-ASA ) و لذلك تم البحث عن مستحضرات جديدة ذات غطاء يقي من الحامض المعوي ، تطلق الـ ( 5-ASA) بشكل بطيء في القولون من دون و جود السلفابيريدين  و أصبحت تستعمل في عدة مراكز طبية في العالم كبديل جيد للسلفاسالازين ومن بين هذه المستحضرات :

 

أ- الميسالازين (Mesalazine ) :

والذي يتكون من ملح حامض الصفصاف لوحده (5-ASA)  بعينة على صورة حبوب لها غطاء واق ضد الحامض المعوي ( enteric coating )  تطلق الـ ( 5-ASA) بشكل بطيء لتصل إلى القولون و هنالك تقوم بعملها ضد هذا المرض .

و جرعة الميسالازين تتراوح ما بين (800 – 400 ) ملغم ثلاث مرات يوميا.

 

ب- أٌلسالازين (  Olsalazine) :

ويتكون من جزئين من ملح حامض الصفصاف (5-ASA ) مرتبطة ببعضها و تتفكك في القولون عن طريق البكتيريا هناك ، و الجرعة هي واحد أو اثنين غرام يومياً .

ولقد بينت الدراسات أن هذه المستحضرات من الـ ( 5-ASA) و مشتقاتها عن طريق الفم  ذات كفاءة عالية مثل السلفاسالازين و لكن بآثار جانبية أقل بكثير .

        ·          ملاحظة :

 استعمال الميسالازين لمدة طويلةقد يسبب أحيانا نقصاً في كريات الدم البيضاء (Leuko penia ) و كذلك نقص في الصفيحات الدموية    (Thrombocyto penia )  و نادراً ما يؤثر في الكليتين.

أما مستحضرات الالسالازين فقد تحدث أحيانا إسهالاً حاداً ( في حوالي عشرة في المائة) و لكن يتوقف هذا الإسهال حال التوقف عن تناول هذا الدواء.  

 

‌أ)          استعمال الميسالازين ( 5-ASA ) عن طريق الحقن الشرجية :

 

على الرغم من النجاح الملحوظ الذي حققته الحقن الشرجية المحتوية على السالازوبيرين منذ وقت طويل إلا أنه تبين أخيراً أن إعطاء حقن تحتوي على (5-ASA) يعتبر تقدماً واضحاً وناجحاً في علاج التهاب القولون التقرحي السفلي حتى بكفاءة أعلى من الكورتيزون .

 

والحقن الشرجية المحتوية على ( 5-ASA) المتواجدة في بعض الصيدليات تحتوي كل واحدة على جرعة ( 4 ) غرام ، و لكن جرعة (2 ) غرام يوميا و حتى غرام واحد قد تكون كافية في حالات الالتهابات التقرحية السفلية للقولون ( المستقيم فقط ) ، و أحيانا نستعمل حقن الكورتيزون .

 

وأخيرا يقول بعض  الباحثين أن استخدام دواء آخر هو ( (4-ASA)PAS Aminosalicylicacid    ( P-والذي كان يستعمل قبل نصف قرن على نطاق واسع لعلاج مرض السل ( الدرن ) ، واستعمال هذا الدواء عن طريق الفم او الشرج يعطي نتائج جيدة في حالة   التهاب القولون التقرحي قد تكون مشابهة لنتائج الكورتيزون .

 

‌ب)       العلاج بالأدوية الاستيرويدية القشرية (  Corticosteriod therapy) :

 

كانت الستيرويدات القشرية ( Corticosteriods) من أوائل الأدوية العلاجية التي استخدمت لعلاج التهاب القولون التقرحي و أثبتت فعاليتها العلاجية الكاملة .

 

والستيرويدات تستعمل نتيجة فعاليتها ضد الالتهابات و لتأثيرها المثبط للمناعة كما أنها من الأدوية المنعشة في أي حالة مرضية متعلقة بالسخونة    Pyrexia  illness فتتحسن الشهية و يظهر الشعور بالانتعاش و تنخفض درجة الحرارة نسبيا مهما كان سببها ، و هذا قد يشكل احياناً خطورة على المريض لأنه قد يخفي وحالة المريض الحقيقية و قد يعطي انطباعاً كاذباً بالتحسن ، بالرغم من استمرار المرض دون معرفة المصاب .

 

و الستيرويدات القشرية مازالت تستخدم على نطاق واسع لعلاج التهاب القولون التقرحي الحاد و الشديد لأنها تعمل على قمع و كبت هجوم هذا المرض و تسيطر على الالتهاب و هذا  ما يظهر بانخفاض مرات التبرز ( الإسهال ) و زوال آلام البطن و انخفاض درجة الحرارة و تحسن للشهية و هذا ما يحدث في أغلب الحالات خلال ( 10-7 ) أيام من بداية العلاج الذي قد يدوم مدة تناوله لمدة ستة أسابيع .

 

وفي حالات المرض الشديدة و الخطيرة يعطى بريديـنـزولون Prednisolone  بجرعة مليغرام واحد لكل كيلو غرام من وزن المريض عن طريق حقن الدواء بشكل تقطير في الوريد (I.V.drip) إما بشكل مستمر أو بشكل متقطع .

 

ويمكن اعطاء العلاج على شكل حبوب عن طريق الفم بجرعات مجزأة بفواصل زمنية( 8-6 ) ساعات .

 

ولقد لوحظ أن استخدام الكورتيزون عن طريق الفم أو الوريد يعطي نفس النتائج و لا توجد أي دراسة ( حتى نشر هذا  المقال ) تبين ان هذه الطريقة افضل من الأخرى لذلك نستعمل الحقن على شكل تقطير في الوريد ( I.V.drip ) بشكل مستمر أو متقطع ، أو يعطى الكورتيزون عن طريق الفم ( حبوب ) حسب حالة المريض فاذا كان هناك استحالة لاعطاء المريض الكورتيزون عن طريق الفم لوجود غثيان او تقيؤ ففي هذه الحالة نستعمل الوريد او الحقن بالعضل.

 

و أحياناً في بعض الحالات الخطيرة يعطى الكورتيزون على شكل ( هيدروكورتيزون ) (Hydrocortisone ) بجرعة تتراوح ما بين ( 200-100 ) ملغرام كل ستة ساعات عن طريق الوريد.

 

و يقترح احد الباحثين Goligher إعطاء الأدوية الاستيرويدية على النحو التالي ( 15-10 )ملغ من بريدنيزلون ( Prednisolone ) عن طريق الفم كل ستة ساعات و لكن في حالة وجود تقيؤ يعطى هيدروكورتيزون مائة ملغ في العضل أو الوريد كل ( 8-6 ) ساعات .

 

العلاج بهرمون الكورتكوتروفين Corticotrophin  Hormone  ( ACTH )  :

 

يعطى عن طريق الحقن في العضل ( 40 ) وحدة مرة أو مرتين يوميا ، وأحيانا عن طريق الوريد و لكن ببطئ شديد و أحيانا أخرى تحت الجلد ، و هذا الهرمون ذو مفعول طويل الأمد قد يكون ذو فعالية أكبر في علاج الانتكاسات لكنه نادراً ما يستعمل .

 

وأخيرا نقول بان استعمال الكورتيزون و مشتقاته سيؤدي الى انحصار أعراض التهاب القولون التقرحي في الأغلبية العظمى من الحالات ، و بعد التحسن تبدأ الجرعة بالتناقص أسبوعيا إلى أن تصل إلى أقل جرعة ممكنة و بعد ذلك تحذف من العلاج و يتم الاستمرار بتناول السلفاسالازين أو الميسالازين .

 

هذا وإن المرضى الذين يتعالجون لأول مرة بدواء بالكورتيزون لأول مرة يستجيبون بشكل أفضل بكثير من أولئك الذين تمت معالجتهم سابقاً بهذا الدواء .

 

كما يجب التذكير بأن استمرار العلاج بالكورتيزون و مشتقاته لا يمنع انتكاسة المرض وعودة نشاط هذا الداء من جديد لذلك نادراً جداً ما ننصح بالاستمرار في تناوله بشكل دائم .

 

الكورتيزون عن طريق الشرج     :

 

هناك دراسات كثيرة أثبتت وجود تأثير مناسب للكورتيزون عن طريق الشرج ( كعلاج موضعي  ) عندما تكون الإصابة فقط في المستقيم و القولون الأيسر ، و تعطى الحقنة الشرجية ليلاً قبل النوم و يستمر استعماله لمدة أسبوعين أو ثلاثة أسابيع .

 

والحقنة الشرجية المحتوية على هيدروكورتيزون أو بريدينـزولون عادة ما تكون مكونة من (20)  ملغم في ((30 مللتر من السائل ، و على الرغم من تأثيرها الموضعي إلا ان التأثيرات الجانبية قد تحدث نتيجة امتصاصها و دخولها الى الدم ، لذلك تم دراسة مشتقات أخرى يتم امتصاصها بنسبة أقل بكثير من بينها :

·  بيكلوميتاسونا  ( (Beclometasona  : بتركيز ( 3 ) ملغم في كل ( 100 ) مللتر لها تأثيرات جهازية قليلة و اذا اعطيت عن طريق الحقنة الشرجية فإن تأثيرها يكون مشابه لـ (5-ASA) .

·  بودي سونيدا   (Budesonida ) : و التي تعطى كحقنة شرجية بتركيز اثنين ملغرام كل مائة مللتر و لها تأثير جيد في الإصابات السفلية ( المستقيم و القولون الأيسر ) ، و على الرغم من  نسبة امتصاصها القليلة جداً إلا أن قوتها و متطلبات استعمالها لأسابيع عدة يجعلنا نراقب إمكانية حدوث آثار جانبية . 

 

 

 

 

التحاميل الشرجية :

 

بعض الأطباء يصف التحاميل الشرجية الكورتيزونية و التي تحتوي على 5 ملغم من البريديزولون  ( 5mg Prednisolone ) و تستعمل هذه التحاميل لمرة واحدة أو مرتين يومياً وقد تكون كافية أحياناً اذا كانت الإصابة للمستقيم فقط .

 

 ملاحظة هامة  

 

ان استمرار الاعراض على الرغم من العلاج بالكورتيزون أو في حالة عدم امكانية تخفيض الجرعة تدريجياً يعتبر مبرراً لوصف علاجات أخرى أو التفكير جديا بالعلاج الجراحي.

هذا و ان استعمال الكوتيزون يومياً ولمدة طويلة يجب أن يمنع و لا ينصح به نتيجة إمكانية حدوث الاعراض الجانبية التي تعتمد على كمية الجرعات المستخدمة و على مدة العلاج لذلك يجب العمل على تخفيض كمية الجرعة بمقدار (  5 ) ملغم يوميا خلال أسبوع عندما يكون هناك تحسن سريرياً و تنظيرياً .

 

 و خلال استعمال الكورتيزون قد يظهر إحدى الآثار الجانبية التالية :       

      ·          التأخر في نمو الأطفال .

      ·          تثبيط الغدة الفوق كظرية .

      ·          داء الماء الزرقاء في العين ( Cataracts) .

      ·          نخر عظمي و ترقرق عظمي ( Osteonecrosis  ,  Osteoporosis ).

      ·          داء السكري .

      ·          تأثيرات سلبية في الجسم .

      ·          اعتلال عضلي .

      ·          داء الفطريات الطوقية في منطقة الحلق  (Monilliasis ) .

      ·          زيادة إمكانية حدوث تسمم في الدم .

  ·    هناك مخاطرة قد تحدث عند استعمال الكورتيزون وهي المماطلة التي قد يقع فيها الطبيب المعالج لإرسال مريضه للجراحة في بعض الحالات الخطيرة ، لأن الكورتيزون قد يغطي على المرض و يعطي المصاب شعوراً كاذباً بالصحة و النشوة على الرغم من خطورة الحالة لذلك قد يصل بعض المرضى إلى طاولة العمليات متأخرين جداً .

 

    ‌ج)        دواء السيكوسبورين   : ( Cyclosporine )

 

بينت دراسات متعددة ان إعطاء المريض دواء السيكوسبورين يوميا بجرعة ( 4 ) ملغم لكل كيلوغرام من وزن المريض في المغذي الوريدي بشكل دائم لمدة حوالي ستة أيام ، نجح في علاج حالات خطيرة من التهابات القولون التقرحي و التي لم تستجب للكورتيزون .

 

وهناك دراسات أخرى تقول أن الجرعة قد تصل إلى أقل من اثنين ملغرام لكل كيلو غرام  من وزن المريض وتعطي نفس النتيجة الجيدة ، و لكن متابعة هذه الحالات أثبتت أن على تلك المجموعة من المرضى الاستمرار في تناول الكورتيزون .

 

وعلى المرضى الذين يستجيبون جيدا للسيكوسبورين الاستمرار في تناوله عن طريق الفم      و بهذه الطريقة تستقر حالة اكثر من ( %50 ) منهم ، لهذا ينصح باستعماله دائماً قبل وضع المريض في قائمة العمليات الجراحية لاستئصال القولون ، لكن العلاج الجراحي يكون ضرورياً إذا لم يتحقق أي تحسن بعد كل تلك المحاولات العلاجية .

 

ومن المعروف أن آثاراً جانبية قد تظهر عند استعمال السيكوسبورين ومن بينها :

خدران   Paresthesia  ، وارتفاع ضغط الدم  ، ورجفة  ، وغثيان ، وتقيؤ  . 

 

و لقد سجلت حالات كان لها تأثير سلبي على الكبد و لكن الكليتين قد تتأثر سلبًا اذا استمر تناول الدواء و عادة ما تعالج تلك الآثار بالتقليل من الجرعة إلى أقل حد ممكن .

 

  ‌د)         دواء الأزاثيوبرين    ( Imuran ) Azathioprine :

 

يمكن استعمال دواء الأزاثيوبرين فقط عندما لا يستجيب المريض لأدوية الكورتيزون وأدوية الـ  (5-ASA )  أو عند المرضى اصحاب الحاجة الدائمة للكورتيزون وذلك من أجل تقليل كمية الكورتيزون اللازمة للمريض و يمكن أن يكون بديلاً له في انتظار العملية الجراحية .

 

يعطى هذا الدواء بجرعة تتراوح ما بين (100-50 ) ملغرام يومياً و في حالات أخرى يعطى 2.5 ملغم لكل كيلو غرام من وزن المريض  ، الآثار الجانبية له تظهر في حوالي ( %10 ) من المرضى بعد أسابيع من تناوله و تتمثل بظهور بعض الأعراض التالية :

 

  ·    تثبيط عمل النخاع العظمي (Pancytopenia  ) محدثاً فقر الدم نتيجة لنقص التصنيع الكامل (نقص الخلايا الشامل ).

    ·          التهابات حادة في البنكرياس .

    ·          زيادة إمكانية حدوث تسمم بالجراثيم .

   و هذه الاعراض قد تجبرنا على توقف العلاج المذكور .

 

ومن المعروف ان الأزاثيوبيرين يستعمل في مرض كرون أكثر من استعماله في التهاب القولون التقرحي .

 

علاجات و أدوية أخرى :

 

هناك الكثير من الأدوية الأخرى التي استعملت لعلاج التهاب القولون التقرحي من بينها: الأحماض الدهنية ، وزيت السمك ، والنيكوتين ، والهبارين ، والليدوكايين ، والبزموت ، والأموبرازول ، والميتوتريكسيت الخ .

 

إلا أننا بحاجة إلى أبحاث كثيرة وفي مراكز متعددة لنتمكن من استعمال احدها بجرأة كافية ،  لهذا لا ننصح باستعمالها حتى تاريخه  .

 

إعطاء الهيبارين  (Heparin ) :

 

هناك بعض التقارير الطبية التي بينت و بالصدفة تحسن مرض التهاب القولون التقرحي عند معالجتهم بالهيبارين كوقاية لتخثر الدم الوريدي .

 

فبالإضافة الى نشاط و تأثير الهيبارين المضاد للتجلط و التخثر هناك نشاط وتأثير آخر له هو التأثير المضاد للالتهاب ……… من هنا يعتقد أنه يمكن استعمال الهيبارين لمرض التهاب القولون التقرحي للذين لم يستجيبوا للكورتيزون  .

 

 علاج الاعراض الأخرى :

 

بالإضافة الى مجموعة الأدوية الهامة المذكورة سابقا فيجب تصحيح الجفاف و اضطرابات نسبة الأملاح في الدم و يكون ذلك عن طريق الوريد و اذا وجد تسمم في الدم ( Septicemia  )    والذي عادة ما يكون نتيجة جراثيم من نوع  ( G ram  Negative  ) فانه بلا شك لا بد من علاجها بالمضادات الحيوية المناسبة .

 

علاج الإسهال :  

 

قد يكون الإسهال العرض الأكثر إزعاجا لمريض التهاب القولون التقرحي ، والحقيقة انه لا يوجد دواء معين لعلاج الاسهالات الشديدة المرافقة لهذا المرض  ، و على الرغم من معرفتنا بأن استعـمال هـذه الأدويـة فـي بعض الحـالات قد يـؤدي الى توسـع سـام للقـولـون megacolon)  ( Toxic   فقد نضطر أحياناً لاستعمال بعض الأدوية لإيقاف الإسهال من بينها :

·          ديفينوكزايليت ( Diphenoxylate ( lomotil)) .

·          لوبيرامايد ( Loperamide ( Imodiom )) بجرعة ((2 ملغم أربع مرات يومياً .

·          كوديين ( Codein)  بجرعة ( 30 ) ملغم ثلاث الى أربع مرات يومياً .

 

علاج آلام البطن :

 

يمكن معالجة آلام البطن بإعطاء المريض دواء ( Mebeverine ) مرخي العضلات الملساء في الجهاز الهضمي و ( Duspatalin)  بجرعة ( 270-135 ) ملغم ثلاث الى أربع مرات يومياً .

 

العلاج النفسي :

 

لوحظ أن الانفعالات تلعب دوراً هاماً في تنشيط المرض لذلك فالعلاج النفسي له أهميته في المحافظة على هدوء الحالة  ، و لكن هذا العلاج النفسي يجب أن يقوم به اختصاصي الجهاز الهضمي بالتعاون مع العائلة ، حيث لوحظ أحيانا زيادة نشاط المرض وتدهور الحالة الصحية عندما تعالج الانفعالات النفسية ( لمريض التهاب القولون التقرحي ) عن طريق اختصاصي الأمراض النفسية .

 

في الحالات الحادة يمكن وصف علاج الديازيبام أو اللورازيبام   ( Diazepam or Lorazepam ) ولكن أدوية مضادات الاكتئاب يجب استعمالها فقط للمرضى الذين يعانون من اكتئاب واضح و شديد .

 

 

 

 

 

العلاج الجراحي :

 

قد يكون العلاج الجراحي ضرورياً في التهاب القولون التقرحي الصاعق ، و في هذه الحالة يكون عدد مرات التبرز أكثر من عشرة مرات يوميا و بكميات كبيرة ليلاً و نهاراً مع ارتفاع في درجة الحرارة ، و زيادة في تعداد الكريات الدم البيضاء ، وفقر دم ، ونقص الالبومين في الدم .

وعند ما تفشل العلاجات الدوائية المذكورة سابقا لمدة ثلاثة إلى أربعة أسابيع قد نضطر للجراحة لاستئصال القولون الملتهب ، و كذلك  قد نضطر للجراحة في حالة حدوث نزيف دمـوي شديـد و مستمـر و غير مسيـطر عليه ، أو فـي  بعض حـالات التوسـع السـام للقولـون (  Toxic megacolon) .