قياس صحة المجتمع
مهما كان تعريف " الصحة "
المستعمل في طب المجتمع أو الوبائيات من الضروري أن يكون بيناً لا لبس فيه ، وسهل
الاستعمال ، وسهل القياس بطريقة معيارية في مختلف الظروف ومن قبل أشخاص مختلفين .
فمعايير التشخيص في الطب السريري تتغير بسرعة ، كلما توسعت المعرفة الطبية ، أو
تحسنت وتطورت التقنيات . إن التعاريف المستعملة في الطب السريري لتحديد المرض أكثر
مرونة ، وان الحكم الإكلينيكي يعتبر ، ولو جزئياً ، أكثر أهمية في التشخيص ، وإنه
في الغالب يمكن التشخيص بوساطة سلسلة من الاختبارات حتى يتم تثبيت التشخيص النهائي
.
يجب أن يكون لدى الطبيب المهتم بصحة
المجتمع صورة واضحة حول حجم ومدى المشكلات الصحية التي تواجه المجتمع . إن أهمية
"الصورة الإجمالية" قد تكون بدهية وغنية عن البيان ، إلا أنها في الواقع
نادراً ما تكون مكتملة ، حتى على المقاييس الصغيرة . فإن المجتمع مهما كان صغيراً
، وحدة غير متجانسة ، من حيث الخصائص الفردية لمكوناته ، وكذلك أماكن العمل
والمهنة ومكان الإقامة وأنماط الحياة . ويمكن في هذه الحالة تقسيم الناس ، أو
تصنيفهم على مجموعات متقاربة لديها قواسم مشتركة ومتجانسة إلى حد ما ضمن مدى محدد
للمشكلات الصحية .
مصادر المعلومات " الصحية "
التي تقدم البيانات المختلفة متعددة وليست مصممة في الأصل للغايات الصحية مباشرة ،
ولهذا فان الباحث يعاني محدوديتها عند الرجوع إليها . ورغم هذا فانه عند جمع هذه
الأجزاء المختلفة من المصادر المتعددة ، قد يكون من الممكن الحصول على " صورة
مركبة " لصحة المجتمع . ومن ثم
، وبناءً على ما تم تركيبه ، يصبح من الممكن وضع تشخيص صحة المجتمع (Community
Diagnosis) ، تماماً كما يعمل
الطبيب المعالج في عيادته عند تشخيص حالة مرضية . حيث يتم جمع المعلومات من مصادر
مختلفة : السيرة المرضية والفحص السريري والفحص المخبري والشعاعي … وحسب أهمية
ودقة وموثوقية كل منها ، فالطبيب يحدد المشكلة الصحية للشخص ويضع التشخيص … ويبدأ
بعلاج المريض.
المقاييس ذات الصلة بصحة الفرد والمجتمع
يمكن تقسيمها على ثلاث مجموعات ، وهي تعتبر أيضاً مؤشرات هامة لصحة المجتمع وتقدمه
الاجتماعي والاقتصادي وهي :
1-
مقاييس المراضة ، 2- مقاييس الوفيات ، 3- مقاييس سكانية .
وكل هذه المقاييس (أو البيانات المبنية
عليها ) تعاني ، بدرجات متفاوتة ، المحدودية والعجز وعدم الكفاية ، كماً ونوعاً
مما يحد من الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها منها .
مقاييس
المرض – المراضة
:
تعتمد المقاييس العديدة لتكرارات
الأمراض على المفاهيم الأساسية للحدوث والانتشار ، إلا أنه لسوء الحظ لم يتم
التوصل إلى اتفاق كامل بشأن التعاريف والمصطلحات التي تستعمل في هذا المجال
والمصطلحات هنا هي كما جاء تعريفها في قاموس الوبائيات (Last,1995)
. وجميع المعدلات ، تتركب من بسط ومقام ووقت محدد . وحساب مقاييس تكرارات المرض
يعتمد على صحة ومدى شمولية محتويات كل من البسط والمقام . فمحتويات المقام التي هي عبارة عن عدد
الأشخاص المهددين بالإصابة (at Risk) ، يصعب تحديدها بدقة ، فعلى سبيل المثال يجب استثناء الرجال عند حساب
تكرار سرطان الرحم ، وكذلك لا يجوز شمول النساء في حساب سرطان البروستات ، كما أن
المرضين لا يهددان الفئات العمرية كلها بالقدر نفسه من الخطورة. والفئة السكانية
التي لديها قابلية للمرض ، هي الفئة المهددة بالإصابة أو المنذرة ، ويمكن تحديدها
على أسس عوامل ديموغرافية أو بيئية ، كما أن محتويات البسط تعاني عدم الدقة بسبب
عدم معرفة أعداد المصابين الفعلية .
الحدوث
(الوقوع ) والانتشار :
عند البت في معدلات المراضة المناسبة ،
فإن الأمراض الموجودة في المجتمع أثناء فترة زمنية معلومة ، يمكن تصنيفها كما في
شكل رقم (1) :
شكل رقم (1) يبين الحدوث والانتشار :
1/6
30/6
أ
ب
ج
د |
||||||||
|
1/6
15/6
30/6
حيث إن :
أ- أمراض تبدأ بعد بداية الفترة الزمنية
المحددة وتنتهي قبل نهاية الفترة الزمنية .
ب- أمراض تبدأ بعد بداية الفترة الزمنية
المحددة وتنتهي بعد نهاية الفترة الزمنية .
ج- أمراض تبدأ قبل بداية الفترة الزمنية
وتنتهي قبل نهاية الفترة الزمنية .
د- أمراض تبدأ قبل بداية الفترة الزمنية
وتنتهي بعد نهاية الفترة الزمنية .
من
الضروري بدءاً ذي بدء ، أن يتم تحديد أسس حساب معدلات المراضة ، هل سيكون ذلك على
أساس الفرد المريض ، أم على أساس عدد وقوعات المرض ؟ فاذا أصيب مثلاً شخص ما ثلاث
مرات بالمرض قيد البحث أثناء الفترة الزمنية المحددة ، فهل سيكون القياس على اساس
شخص واحد لمرة واحدة فقط ، أم ثلاثة وقوعات مرضية . إننا في الواقع قد نلجأ الى
الطريقتين في معظم الأحيان .
معدل حدوث المرض : عدد الأمراض
(وقوعات مرض أو أشخاص كيفما يتفق ) التي تبدأ في فترة زمنية معلومة (المجموعة أ،ب)
وتنسب الى متوسط عدد الأشخاص المعرضين والمهددين بالإصابة (الأشخاص الذين لديهم
استعداد وقابلية ) ، أي إنه يبين عدد الحالات المرضية الجديدة التي ظهرت في الفترة
المذكورة ، ما عدد الأشخاص الذين أصيبوا بالانفلونزا في الأسبوع الثاني من شهر
كانون أول من العام الماضي بغض النظر عن الوقت الذي انتهت فيه الحالات المرضية ؟ .
معادل انتشار (شيوع ) المرض : يشير الانتشار الى عدد الحالات
المرضية الموجودة (القديمة والجديدة ) ، ويشمل :
1- معدل انتشار النقطة ( الزمنية): عدد
الحالات المرضية الموجودة في نقطة زمنية معينة في 15/6 مثلاً ، وتشمل أ ، ب ، ج ، د في ذلك الوقت المحدد.
2-
معدل انتشار الفترة الزمنية : عدد الأمراض (أشخاص أو وقوعات مرض كيفما يتفق )
الموجودة في أي وقت أثناء الفترة الزمنية المعينة ، وتنسب إلى متوسط عدد الأشخاص
المعرضين لعامل الخطر أثناء تلك الفترة ، وهي عبارة عن عدد الحالات المرضية
الموجودة في الفترة الزمنية (الحالات التي كانت موجودة قديماً في بداية الفترة
واستمرت في الوجود ، يضاف إليها الحالات الجديدة التي ظهرت أثناء الفترة سواءً
انتهت قبل نهاية الفترة أم استمرت بعد انتهائها ) ، ويشمل جميع الحالات خلال
الفترة الزمنية كلها (أ ، ب ، ج ، د ) وتحسب معدلات الحدوث والانتشار بالألف كما
هو الحال في بقية المعدلات .
متوسط مدة المرض :
معدل انتشار النقطة
متوسط
مدة المرض = ـــــــــــــــــــــــــــ
، ويكون قياس مدة المرض وفقاً للفرد من المجتمع
معدل الحدوث
ككل
، أو للشخص المريض فقط ، أو وفقاً للحالة المرضية ، وعلى الشكل التالي :
عدد أيام المرض في الفترة المحددة
أ- متوسط مدة المرض / فرد =
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متوسط
عدد الأشخاص المعرضين في تلك الفترة
عدد أيام المرض في الفترة المحددة
ب- متوسط مدة المرض / شخص مريض = ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متوسط عدد الأشخاص المعرضين في تلك الفترة
عدد أيام المرض في الفترة المعينة
ج- متوسط مدة المرض / حالة مرضية = ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عدد وقوعات المرض أثناء تلك الفترة
يدل الحدوث على الحالات المرضية الجديدة
، بينما يشير الانتشار إلى الحالات المرضية جميعها القديمة منها والجديدة ، ويصف
الانتشار الوضع المستقر الموجود في الواقع في فترة محددة من الزمن ، بينما يصف
الحدوث الوضع المتغير في تلك الفترة : عدد الأشخاص الذين ألم بهم المرض في الفترة
المذكورة .
نقاط هامة بخصوص معدلات الحدوث
والانتشار :
- يشير معدل انتشار المرض إلى كل
الحالات المرضية الموجودة أثناء الفترة الزمنية المعنية ، ويتكون من معدل انتشار
النقطة في بداية الفترة المذكورة بالإضافة الى الحالات الجديدة (الحدوث) التي ظهرت
اثناء تلك الفترة ، ان هذا المعدل قليل الاستعمال لصعوبة تأويله .
- أحداث مثل (الإجهاضات ، الولادات ،
إخباريات الأمراض ، دخولات المستشفيات ، العمليات الجراحية ، الوفيات ) تقاس وتحسب
كحدوث (وقوعات) .
- إذا كان الحدوث يختلف اختلافاً كبيراً
في أوقات مختلفة بحيث يأخذ أنماطاً دورية ، فان انتشاره سيختلف أيضاً ، ويفضل في
هذه الحالة اعتبار الفترات الدورية في اختيار المدة الزمنية لقياسات حدوث المرض :
أي استعمال قياسات الحدوث في الفترة الزمنية التي تغطي دورة الحدوث كلها :
-المقام
في معدلات الحدوث ، تقليديا ، هو عدد الأشخاص في منتصف المدة الزمنية قيد البحث:
عدد السكان في نصف السنة =
عدد السكان في بداية السنة +
1 (الولادات في السنة + الهجرة للداخل )
2
ــ 1 (الوفيات في السنة + الهجرة للخارج )
2
- قد يتكرر حدوث بعض الحالات عند الشخص
نفسه أثناء الفترة الزمنية المحددة (المرض ، الدخول للمستشفى ، الإصابات المختلفة
) ومعدلات الحدوث ، في هذه الحالة يمكن أن تكون :
الحدوث
/ شخص : الذي فيها يتم إحصاء الشخص مرة واحدة فقط بغض النظر عن عدد وقوعات المرض
أو الحدث .
الحدوث
/ نوبة مرضية : يتم الإحصاء في هذه الحالة بحصر النوبات المرضية أو الأحداث ، إن
معدل حدوث (النوبة) عندها يمكن أن يكون أكثر من 100 % .
- قياسات معدلات الحدوث يفضل استعمالها
للحالات قصيرة الأمد ، بينما يفضل استعمال معدلات الانتشار للحالات طويلة الأمد .
- الانتشار الرقمي مفيد في العادة في
الأغراض الإدارية لقياس أهمية أو جسامة المشكلة ، مثلاً: أعداد الأسرة المطلوبة
لقسم أو مستشفى معين .
- أما لغايات التخطيط المستقبلي فالأمر
يتطلب عادة تقدير الحدوث الرقمي : عدد الحالات المرضية المتوقعة في الفترة القادمة
على سبيل المثال .
- عند متابعة بعض الأشخاص الأصحاء (إلا
أنهم مهددون بالإصابة بمرض معين ) لمدة زمنية قد تمتد إلى عدة سنوات ، وقد تكون
طوال العمر ، فان حساب كل من معدل الحدوث ، ومعدل الحدوث التراكمي (التجميعي)
ومعدل مدة المرض يكون كما هو في المثال الافتراضي التالي :
حيث افترض أنه تم مراقبة ستة اشخاص لمدة
ست سنوات ، وكما موضح في الشكل رقم (2) التالي :
شكل رقم (2) معدلات الحدوث والحدوث
التراكمي
الأشخاص
عدد السنوات
تحت
المراقبة من
دون مرض
0 1 2
3 4 5
6 سنوات المتابعة
معـدل الحـدوث خـلال
فترة ست سنوات هو عدد الحوادث (3) مقسوماً على مجموع الفترات التي كانـت فيهـا
مجموعـة الدراسـة مهـددة بالمـرض ، وهي في المثال (22 شخص / سنة) وهو 3 = 6ر13 حالــة / 100 شخــص سنــة (مـدة
الخطورة التي يكون فيها الشخص مهدداً بالمرض
22
، هي الفترة التي يقضيها من دون مرض ) .
عدد الحالات
معدل الحدوث التراكمي =
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=
3
عدد
الأشخاص الأصحاء في بداية الفترة الزمنية 6
أي 50 حالة / 100 شخص خلال فترة المراقبة (ست سنوات) .
متوسط فترة (مدة) المرض هو :
مجموع
سنوات المرض
= ـــــــــــــــــــــــــــ = 10 = 3ر3 سنة
عدد حالات المرض 3
تقيس معدلات الحدوث الاختطار المطلق
الناتج عن المرض ، ولذلك فهي مناسبة ، بشكل عام ، لدراسة سببية الأمراض والتاريخ
الطبيعي للمرض ، كما هي مناسبة لتقويم برامج المداخلة الوقائية .